د_ ايمان محمدي
شهدت محافظة “شبوة” اليمنية؛ في الأسبوع الأول من آب/أغسطس 2022م، مواجهات مسلحة بين عناصر حزب (الإصلاح) والعناصر الموالية لـ”الإمارات العربية المتحدة”، وسوف نُدرك من خلال مسار الأحداث اليمنية؛ خلال الأشهر الأخيرة، مساعي التحالف “السعودي-الإماراتي”، في إقصاء حزب (الإصلاح) تدريجيًا باعتباره أحد أكبر الأطراف المؤثرة في الساحة السياسية اليمنية؛ بحسب التقرير الذي أعدته “إيمان محمدي”، وتم نشره على موقع مركز أبحاث (مرصاد) الإيراني.
النفوذ في قلعة “الإخوان” بالجنوب..
تحظى محافظة “شبوة”؛ في الجنوب اليمني، بأهمية خاصة، بسبب مصادر “النفط والغاز”، وإمكانية الوصول إلى المياه الحرة في “بحر العرب”.
ومع أن هذا الإصلاح لا يميل إلى تركيز الأنشطة على محافظة “شبوة”؛ لكن تطورات ما بعد 2015م، وبخاصة تمرد الجنوبين في “عدن”؛ عام 2019م، ما دفع جماعة (الإخوان المسلمين) إلى تركيز الأنشطة على “شبوة”، بحيث تحولت بعد تطوير البنية التحتية بالمحافظة إلى قلعة حصينة.
ويتقدم مسار تقوية حزب (الإصلاح) في “شبوة” بسرعة كبيرة، وقد ساهم دخول اللجان الشعبية والجيش تحت سيطرة (أنصار الله)؛ إلى شمال “شبوة”، في التمهيد للتحالف بغرض تسريع عملية إضعاف حزب (الإصلاح) بالمحافظة.
وقد أغارت (أنصار الله) على جنوب محافظة “مأرب”؛ وشمال غرب محافظة “شبوة”، وتمكنت من التقدم بمنطقة “عسيلان” وذلك بعد الفتح الكامل لمحافظة “البيضاء”؛ وفي إطار تعقب عناصر (القاعدة) تحت مُسمى: عمليات (ربيع النصر).
وبعد ذلك هاجمت وسائل الإعلام اليمنية حزب (الإصلاح)؛ واعتبرت أن ضعف الحزب سبب تقدم (أنصار الله).
وتحت وطأة تقدم (أنصار الله) والضغط الإعلامي، لجأ حزب (الإصلاح) للموافقة على دخول قوات الساحل الغربي إلى محافظة “شبوة” للقتال ضد (أنصار الله)، لكن (كتائب العمالقة) فرضت سيطرتها في بداية دخول المحافظة على الإدارات الأساسية و”مطار عتق”؛ ما ساهم في إضعاف سيطرة قوات حزب (الإصلاح) على “شبوة”.
الإطاحة بمحافظ “الإصلاح”..
بعد استقرار عناصر (العمالقة)؛ بقيادة “طارق صالح”، في محافظة “شبوة”، وإضعاف حزب (الإصلاح)، أعلنت قبيلة “العوالق” باعتبارها واحدة من القبائل الثلاث الكبيرة بالمحافظة؛ دعم “الإمارات” وساهمت في تجنيد الشباب من قبائل شمال “شبوة” وصحراء “حضرموت”، وقطعت مسارات ترانزيت “حضرموت-شبوة”، وطالبت بحصة للقبيلة في السياسية.
بالتوازي مع هذه الأحداث، بدأت “الإمارات” بالتنسيق مع “السعودية”، باتخاذ الخطوات اللازمة لتسليم محافظة “شبوة” إلى القوات الموالية للمجلس الانتقالي، وبالنهاية وبعد الاتفاق على عدم تغيير القيادات الأمنية بالمحافظة؛ والتي ترتبط في الغالب بحزب (الإصلاح)، جرى استبدال؛ “محمد صالح بن عديو”، المحافظ الإخواني والمقرب من “على محسن الأحمر”؛ بالسيد “محمد العولقي”، المقرب من المجلس الانتقالي والذي يحظى بالدعم الإماراتي.
الحصول على كرسي الرئاسة..
لم تكد تمضي أسابيع على الاطاحة بالمحافظ “بن عديو”، حتى تمت الإطاحة في آتون المباحثات الاستشارية في “الرياض”، بالرئيس “عبدربه منصور هادي”، ونائبه “علي محسن الأحمر”، وكلاهما محسوب على حزب (الإصلاح)، من السلطة المدعومة من “المملكة العربية السعودية”، وتأسيس مجلس رئاسي من سبعة أفراد بقيادة “رشاد العليمي”.
وتمكن حزب (المؤتمر الشعبي) في المجلس الرئاسي الجديد من السيطرة على السلطة، وإسناد القوات العسكرية بالتوازي مع تقوية قوات (العمالقة) إلى؛ “طارق صالح”، المقرب من “الإمارات”، وتشكيل قوات جديدة باسم: (اليمن السعيد).
إقصاء “الإصلاح” عن “شبوة”..
بعد تثبيت المجلس الرئاسي سياسيًا على رأس السلطة، وتعيين “العولقي”؛ محافظ “شبوة”، بدأت المرحلة التالية بإقصاء القوى الأمنية والعسكرية المحسوبة على حزب (الإصلاح) عن المحافظة، وخلال النصف الأول من آب/أغسطس الجاري، أصدر “العولقي” قرارًا بتنحية: 04 قيادات إصلاحية من بينها: “عبدربه محمد لعكب”، قائد القوات الأمنية الخاصة.
وبدأت الخطوة الأولى بدعم المجلس الرئاسي و”وزارة الداخلية” للقوات الأمنية في “شبوة”، وأعلنت بقرارات منفصلة إلغاء إجراءات محافظ “شبوة”، والذي تجاهل بدوره هذه القرارات مدعومًا بالميليشيا الإماراتية، وأصدر قرار حصار منزل “لعكب” وقواعد حزب (الإصلاح).
هذه الإجراءات أشعلت نيران الصراع بين عناصر (الإصلاح) والجنوب، وبالتالي إقدام القوات العسكرية والقبلية الموالية لـ (الإصلاح) إلى فتح كامل مدينة “عتق”؛ المركز السياسي لمحافظة “شبوة”.
لكن سرعان ما تغير مسار حزب (الإصلاح)، الذي وجد نفسه وحيدًا وخسر الكثير من المواقع، نتيجة دخول “الإمارات” المباشر سياسيًا وعسكريًا في مواجهات “شبوة”؛ حيث أرسلت “الإمارات” قواتها من جهة قواتها باتجاه “شبوة” ومهاجمة قوات (الإصلاح)؛ بالمقاتلات والمُسّيرات، ومن جهة أخرى التماهي مع “السعودية” في خطوتها التالية للتخلص من (الإصلاح) وتغيير القيادات العسكرية في “شبوة”.
وبالنهاية أصدر المجلس الرئاسي قرار إقالة أربع قيادات أمنية بالمحافظة هي: قائد محور “عتق” وكتيبة (30) شبوة، ورئيس شرطة المحافظة، وقائد الكتيبة الثانية للدفاع عن “شبوة”، وقائد القوات الأمنية الخاصة بالمحافظة.
استمرار عمليات الإضعاف..
حزب (التجمع اليمني للإصلاح)؛ باعتباره جناح (الإخوان المسلمين) في “اليمن”، من الأحزاب الشمالية بالأساس، وكان ينشط في الكثير من المحافظات اليمنية.
لكن وبعد حرب العام 2015م؛ وأحداث محافظة “عدن”؛ في العام 2019م، انحسرت سيطرة هذا الحزب على محافظات “مأرب وشبوة وتعز”.
وتراجعت سيطرة وأنشطة الحزب على “تعز” بعد حصار المحافظة من جانب قوات (أنصار الله).
كذلك خرجت محافظة “شبوة” عن سيطرة الحزب في عملية استغرقت عدة أشهر، ويبدو في حالة الاتفاق على وقف إطلاق النار، وبداية عمليات (أنصار الله) من جديد في “مأرب”، فسوف تستفيد “السعودية والإمارات” من هذه العملية في إضعاف حزب (الإصلاح) بشكلٍ أكبر.