بسم الله الرحمن الرحیم
شجىً في حلق المصالحة
بعد مرور سبعين عامًا على النكبة الفلسطينية سنة 1947م، فاذا ما استثنينا الثورة الإسلامية، لم نجد سوى عاملا واحدا فقط يعد قويا بما فيه الكفاية لمنع وضع اللمسات الأخيرة على خطة السلام العربية الإسرائيلية إلا وهو قضية اللاجئين، فقد خرجت جميع القضايا الرئيسية الأخرى والمحورية بين العرب والإسرائيليين الواحدة تلو الأخرى من على جدول الأعمال عمليا، وتحولت إلى أوراق للحصول على النتيجة الأصلية. فقد كان البحث القائم هو الاعتراف بمبدأ وجود إسرائيل والذي طرح عام 1982 م في أعقاب قمة فاس التي قبلها العالم العربي. رغم أن مبادرة السلام السعودية والتي أطلقها فهد كانت سخية في تقديم التنازلات إلى درجة لم يمكن المصادقة عليها في قمة فاس، إلا أن الدور المحوري السعودي أدى في النهاية إلى القبول بنسخة معدلة من تلك المبادرة.[1] فمنذ ذلك الحين ما عاد العالم العربي يطالب بأكثر من حدود إسرائيل عام 1967م.
ولكن مع انطلاقة محادثات كامب ديفيد عام 2000 م تغيّرت لغة الحوار وتحوّلت من المناقشات والمطالبة بحدود 1967 م إلى المطالبة بما يعادل مساحة عام 1967م، وأصبح من الواضح أن على الفلسطينيين الرضوخ لتبادل ما لا يقل عن خمسة بالمائة من الضفة الغربية بأرض إسرائيلية منخفضة القيمة من أراضي يهودا والسامرة. أما في المجال الأمني فقد كان من المفترض أن تكون الدولة الفلسطينية المستقبلية خالية من الأسلحة الثقيلة وأن تسمح لإسرائيل بمراقبة معابرها الحدودية والاشراف عليها، ولم تكن التفاصيل المتنازع عليها على أيّ من الجانبين عقبة أمام وقف محادثات دنيس روس ايام حكومة كلينتون أو جون كيري خلال عهد أوباما. وعندما وصلت النوبة للحديث عن القدس وعلى الرغم من حساسية الواقع ظاهرا، فإن الحقيقة تشي بشيء آخر حيث بات الجميع يدركون أيضًا الحالة ومن خلال مفاوضات عام 2000 م وفي إطار “بارامترات كلينتون” لقبول الطرفين للتقسيم القومي للقدس والإدارة المشتركة علی الحرم .
وقد بات الرئيس محمود عباس – وبعد أن اتضحت وبالتدريج معالم خطة كوشنر- جرينبولت، يدرك جيداً بأن مقترحات كل من كيري وروس أكثر سخاء من نتائج هذه الخطة؛ إذ يتحتم عليه الآن أن يقبل بإضافة عشرة في المائة من الأرض الفلسطينية إلى إسرائيل[2] لاستمرار استلام هبة 500 مليون دولار سنوياً التي تمنحه أياها الولايات المتحدة لإدارة شؤون حكومته، فضلاً عن مواصلة أنشطة وكالة اللاجئين الأونروا.[3] واذا ما أصرت السلطة الفلسطينية على إخضاع القدس الشرقية بأكملها والحرم الإبراهيمي لإدارتها، فإنها ستخسر المناطق الأربعة المحيطة بالقدس والتي من المقرر أن تشكل العاصمة المستقبلية للدولة الفلسطينية.[4] وأن على الرئيس عباس الذي نجح وتحت ضغوط وزير الخارجية الامريكي جون كيري بالحصول على سلطة محدودة في غور الأردن، القبول الآن بهيمنة إسرائيل على كامل الحدود الشرقية مع الأردن والقبول بدولة محاطة بإسرائيل من جميع الجهات.[5]
وعليه فان القضية الوحيدة التي بقيت عالقة وعصية على الحل هي قضية النازحين حيث لا يوجد حل مباشر لها بسبب عواقبها الاقتصادية والسياسية الكبرى. ففي محادثات كامب ديفيد التي وصفتها الأطراف المتحاورة بأنها أقرب نقطة إلى الاتفاق التاريخي بين الجانبين نرى المفاوض الاسرائيلي يقبل بعودة ما يزيد على 100.000 شخص فقط (أي ما يعادل 2٪ من النازحين). وفي المقابل، كانت جميع الأطراف تدفع بالمفاوضين الفلسطينيين للقبول باستبدال حق العودة بتعويض مالي يمنح للنازحين.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل حتى التعويض المالي هذا – مع غض الطرف عن انعكاساته السياسية والاخلاقية السلبية- صار من الصعب الخروج بنتيجة واضحة المعالم منه، حيث لم يرد في أي وثيقة من الوثائق الرسمية المتبادلة بين الطرفين في المحافل الدولية، لا في اوسلو، ولا في كامب ديفيد ولا طابا ولا جنيف ولا أنابوليس أشارة واضحة وصريحة الى المبلغ الذي يجب دفعه للفلسطينيين والبلدان المضيفة، والاقتصار على بعض الوعود الشفوية وغير الرسمية، فضلا عن عدم تقبل إسرائيل لأي مسؤولية قبال المهاجرين الفلسطينيين وإصرارها على القاء مسؤولية تلك الغرامة والتعويض المالي على كاهل المجتمع الدولي؛ الأمر الذي جعل ممثل السلطة الفلسطينية في المفاوضات نبيل شعث يرفض هذا المقترح بسبب علمه بصعوبة أداء مثل هذا الصك المتعددة التواقيع![6]
وعندما تصل النوبة إلى لغة الأعداد ويتعلق الأمر بالأرقام نجد الفلسطينيين أنفسهم يتحدثون دائماً عن مبلغ يتراوح ما بين 200 مليار إلى 500 مليار دولار كتعويض عمّا خسره الفلسطينيون،[7] فيما تؤشر المؤسسات الدولية غير الرسمية إلى ما بين 55 الى 300 مليار دولار كحد أعلى للتعويض،[8] ومع ذلك لم يكن الطرف المنافس في كامب ديفيد مستعدًا حتى للالتزام بتعويض الأضرار على أدنى المستويات وبأقل التقديرات[9]، مع العلم اننا لا نتحدث عن ارقام تعجيزية وخارقة للعادة. ولكن في الوقت نفسه نجد الإسرائيليين يطالبون بـ30 مليار دولار من الأمريكيين في مقابل كلفة نقل مائة ألف مستوطن يهودي، والذين يجب عليهم وفقا للاتفاقية مغادرة الدولة الفلسطينية![10] فإذا أخذنا بهذه المعادلة وافترضنا أن جزءاً من ساكني مخيمات اللاجئين تضم ستة ملايين فلسطيني وأن كل فرد منهم كان ينبغي أن يعوّض بـ 100 ألف دولار لبناء حياة جديدة، لأصبح من الطبيعي جداً الوصول إلى الأعداد الفلكية المؤلفة من مئات المليارات من الدولارات.
ضيوف بلامضيف
إستناداً إلى الصيغة التي قدمتها التحدّيات التي تواجه ملف النازحين، يمكن الاستناد الى جانب من كلام كلينتون كوثيقة تؤشر إلى أن إصرار ياسر عرفات على مبدأ “حق العودة” هو العامل الذي أدى إلى فشل المفاوضات دون القضايا الأخرى المثارة.[11] ومن هنا يرى السعوديون بأن رفض ما جاء من مقترحات في كامب ديفيد تعتبر الجريمة التي اقترفها “ياسر عرفات”[12] وأنهم باتوا يشعرون بأنهم طعنوا مرّة اخرى من قبل الزعماء الفلسطينيين، فيما بات نصف الشعب الفلسطيني الذي هجر من أرضه يعيش حالة الحيرة والضياع حيث لم ترسو سفينتهم على ضفة الهجرة ولا على أرض الاستقرار والمواطنة، إذ لا مكان لهم على أرضهم وفي ديارهم ولم يبق مجال لعودتهم إلى منازلهم، ولم يكن إخوتهم العرب على استعداد لمنحهم حق المواطنة في البلدان التي نزحوا إليها.
فقد أدت تجارب عدّة مريرة في حياة المجتمعات الفلسطينية المهاجرة إلى اجتثاث الجانب السياسي من حياتها و تقوية التوجه نحو الجانب الاقتصادي لإرادة شؤونهم، فقد شهدت كل من الأردن ولبنان والكويت والعراق وسوريا في كل مرة أدت فيها سياسة تدخّل الجماعات الفلسطينية في الشؤون الداخلية للدول المضيفة الى حدوث حالات كارثية للاجئين الفلسطينيين، فقد تمت مهاجمة الفلسطينين وطردهم من مخيمات اللجوء إلى لبنان بعد أن قام الفدائيون الفلسطينيون بمحاولة الإطاحة بالملك الحسين في الأردن، أعقبها بفترّة وجيزة طرد منظمة التحرير من لبنان بسبب انخراطها في الحرب الأهلية لينتهي بها المطاف في تونس. ومنذ ذلك الحين، أصبحت النظرة بنحو عام تجاه وجود الفلسطينيين في لبنان والأردن سلبية للغالية. أما في الكويت فقد زاد حجم الكارثة واصبح أكثر شمولية، حيث أدى موقف منظمة التحرير الداعم لصدام حسين في غزوه للكويت إلى إخراج ما يقرب من 300،000 فلسطيني وطردهم إلى الأردن.
إن هذه التجارب المرّة بالرغم من أنها جعلت السياسي الفلسطيني أكثر عقلانية ونأيا بالنفس عن التدخل في القضايا الداخلية للبلدان المضيفة، إلا أنها ما لبثت أن عادت الى سالف عهدها وأُعيد إعتمادها جزئياً عقيب الاحتلال الامريكي للعراق وأثناء الحرب السورية.
وقد تجسدت الظاهرة الأبرز عقيب الهجرة الكويتية في صعوبة استيعاب ودمج الفلسطينيين في المجتمعات المضيفة. ففي الأردن كان الموقف السلبي للمجتمع والحكومة المضيفة وغير المرحِب بهم أمراً طبيعيًا، فقد كان الأردن يعاني من اقتصاد ضعيف للغاية، فلم يكن لديه القدرة على استيعاب ثلاثة ملايين نازح. أما في لبنان ففضلا عن المشكلة الاقتصادية وحجم الكلفة المالية التي يفرضها دمج هؤلاء في المجتمع اللبناني، فإن التغيير الأساسي الذي يمكن أن يخلقه نصف مليون فلسطيني سني المذهب في الديموغرافيا الدينية في البلاد يجعل من الصعب جدا القبول بمنحهم حق المواطنة اللبنانية. ولمثل هذه الأسباب رفضت تلك البلدان الثلاثة المجاورة منح الجنسية للنازحين الفلسطيين وجعلهم يعيشون حياة صعبة في معسكرات معزولة يقطنها ما يربو على أربعة ملايين لاجئ فلسطيني.
هذا فيما كانت الحكاية بالنسبة لمضَيَّفي الخليج مختلفة نوعًا ما، فالامارات الخليجية وبسبب صغر حجم سكانها واقتصادياتها الريعية، لم تكن مستعدة أبداً لمشاركة هذا العدد الكبير من المهاجرين ومنحهم حقوقا متكافئة والسماح لهم في الجلوس على طاولاتهم المتعددة الألوان ومنحتهم حقوق المواطنة، ولكنها في الوقت نفسه لم تعتمد سياسة الحجز في مخيمات خاصة للنازحين وانما سمحت لهم بالتحرك بحرية والعمل على أراضيها في شتى المجالات باستثناء السلكين الحكومي والسياسي، واتاحت لهم التحرك والعمل في المجالات الاقتصادية الغنية.
وقد مثلت الكويت من بين حكومات مجلس التعاون الأكثر إيجابية بالنسبة للنازحين الفلسطينين بسبب الانفتاح الاجتماعي والاقتصاد الفاعل القادر على جذب العديد من النخب الفلسطينية. ولم يكن مفاجئًا أن تكون النواة الاولى لحركتي فتح وحماس قد انعقدت في الساحة الكويتية. وقد بلغت نسبة الفلسطينيين في الكويت من الكثافة حتى اصبحوا يشكلون 22٪ من مجموع السكان، وأن نصف مراكز الإدارة الوسطى في الاقتصاد الكويتي شغلها الفلسطينون الذين اصبحت لهم قدم راسخة وقوية في منظومة السلطة،[13] الأمر الذي انعكس إيجابا على التحرك السياسي للجالية الفلسطينية هناك وارتفاع منسوب نشاطهم السياسي، غير أن هذه الحالة المثالية أعقبتها نتيجة مؤسفة؛ حيث انخفض ما بين الاعوام 85 و 93 الميلادية عدد الفلسطينيين الذين ما زالوا يحلمون بـ”العودة إلى فلسطين” من 93.4 إلى ما يقرب من 50 في المائة.[14]
ولم تكن الحالة في السعودية بأفضل من نظيراتها، حيث تؤشر تقارير وكالة المخابرات الأمريكية إلى انخفاظ منسوب الرغبة لدى النازح الفلسطيني في العودة إلى دياره منذ أواسط الثمانينيات.[15] وربما نشأت هذه الظاهرة من حقيقة مهمة وهي أن غالبية الفلسطينيين الذين يعيشون في العربية السعودية كانوا من الطبقة الوسطى والدانية، ويعملون في وظائف من قبيل التعليم، وندرة الوجوه النخبوية القوية في أوساطهم على العكس تماما من زملائهم في دول الخليج الفارسي الأخرى.[16] وقد أدى هذا المستوی الطبقي وانخفاظ مستوى التوقعات من جهة إلى جانب السلطة المهيمنة في الرياض إلى نشوب حالة من الخوف من أن يعفى السكان الفلسطينيون من تصاريح الإقامة بشكل أكثر، والاحتياط في الحركة مقارنة بأقرانهم المقيمين في الإمارات الخليجية الأصغر، الامر الذي انتج رؤية جعلت المحللين السعوديين يعترفون بأن مرور السنين منحت المهاجرين الفلسطينيين مزيدا من التناسق ومرونة أكثر مقارنة بالوافدين الى المملكة من بلدان أخرى.[17] وبطبيعة الحال، فإن الظروف السيئة التي كان يعيشها المهاجرون قبل نزوحهم الى المملكة السعودية جعلتهم يدركون أن وجودهم في هذا البلد يعتبر نعمة وفرصة ذهبية لا ينبغي التفريط بها وتعريضها للخطر بسبب حلم العودة.
ومع هجرة الكويتية تزلزل النموذج الوحيد الذي كان مؤملا لقبول المهاجرين ودمجهم في المجتمعات الاخرى، وانهار الأمل الفلسطيني- الإسرائيلي في إيجاد وطن بديل لهم في شبه الجزيرة العربية. من هنا أدرك القادة العرب ضرورة الاسراع في حل المشكلة الفلسطينية وتوفير مساحة من الارض للدولة الفلسطينية وحل القضايا بشكل أسرع مع إسرائيل، فيما أدرك المهاجرون في الوقت نفسه أن الظروف الموضوعية تقتضي مراعاة أصول الضيافة والنظر في الضريبة الباهضة التي يدفعها الفلسطينيون بسبب أي سلوك يؤدي إلى ازعاج الدول المضَيِّفةً.
ومن الملاحظ هنا أن الفلسطينيين القاطنين في الكويت والذين يغلب عليهم الطابع الضفاوي (من ابناء الضفة)، يبعثون سنوياً نحو مليار دولار من مداخيلهم إلى الضفتين الشرقية والغربية لنهر الأردن.[18] وكان جزءا من هذا المبلغ إلى جانب المساعدات الخليجية الأخرى التي تقدر بمليار دولار سنويا[19] أيضا والذي كان يذهب الى ميزانية منظمة التحرير ويعتبر الركيزة الأساسية لاقتصادها، قد توقف تماماً. بعد عامين فقط من هذا النزوح القسري، والظروف المأساوية التي كادت أن تقضي على حركة فتح، وتوقيع اتفاقية أوسلو، لم ير عرفات المنكسر بدأ من الرضوخ لإملاءات القيادة العربية وتفعيل مخرجات محادثات السلام وإنهاء الانتفاضة الأولى. وقد أدى استسلام عرفات لأوسلو الى صرف الخليجيين عن التفكير في إيجاد البديل لحركة فتح. والملاحظ هنا أن المهاجرين الفلسطيين موزعين بين غزاويين يحملون جوازات سفر مصرية وضفاويين يحملون جوازات سفر أردنية، وإن من بين الذين طردوا من الكويت، لم يُعف إلا ما يقارب عُشر المهاجرين ومعظمهم من أصول غزاوية، وبسبب بقاء هذا العدد في الساحات المالية الخليجية صاروا يمدون الشريان الغزاوي وبالتالي حماس بالمال الأمر الذي رجح كفّة حماس في المعادلة الفلسطينية. وفي الجانب الآخر عمد السعوديون لدعم حماس بشكل محتاط مع حثّ الحركة على التخلي عن مبدأ الكفاح المسلح والسعي للتعاون مع حركة فتح.[20]
كان لدى السعوديين العديد من الأسباب والمبررات لمساعدة أحمد ياسين، وفي الوقت نفسه تبلورت العلاقات بين إيران وقادة حماس في لبنان، ومن الطبيعي أن المملكة العربية السعودية كانت خائفة من تكرار تجربة الجهاد الإسلامي ونقل الإسلاميين الفلسطينيين إلى الحاضنة الإيرانية، والملاحظ أن بعض الساسة الايرانيين لا يزالون يرون أن نشأت حماس وليدة الخشية من حركة الجهاد الاسلامي.[21] هذا من ناحية و من ناحية أخرى يمكن القول إذا كانت إيران ترى في حماس حليفاً طبيعياً لإيمان الحركة بالتحرير الكامل لفلسطين، فإن السعوديين يرون في دعمهم لحماس ورقة ضغط قوية ضد الإسرائيليين كي يرضخوا للقبول بحمّى التعامل مع حركة التحرير الفلسطينية من باب من رأى الموت يقبل بالحمّى.
الحدث الآخر الذي كان له تأثير رئيسي على طبيعة العلاقات بين السعودية وحماس يتمثل بانتقال قيادة حماس من يد الغزاويين الى الضفاويين وذلك في عام 1996م؛ إذ عقيب الضربة التي تلقاها الفرع الثاني بسبب طرد جماعات ضفاوية كبيرة من الكويت هذه المرّة، ومع ظهور وجود شبكات الاتصالات الخليجية في المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة، اتيحت الفرصة للضفاويين ليكونوا النقطة المحورية في توجيه الحركات الفلسطينية. وهذه المركزية تعني القدرة على الامساك بشتات الفلسطينين في الداخل؛ وذلك لأن إسرائيل -بخلاف غزة- كان لها وجود أمني قوي في الضفة، بل حتى منظمة فتح نفسها ووفقا لاتفاقات أوسلو أخذت تنحى ومنذ أواخر 1995م إلى التحرك العسكري واستخدام القوة للقضاء على حماس في الضفة؛ حتى صارت أنشطة الضفاويين محدودة داخل حدودها، وأن على نشطائها السياسيين التخير بين الوقوف خلف القضبان أو الأنشطة خارج نطاق حدودها.[22]
في تلك الفترة الزمنية شهدت الساحة الفلسطينية حدثين مهمين أدّيا إلى نقل السلطة وبزوغ نجم خالد مشعل. تمثل الحدث الأول في اعتقال أبي مرزوق، الشخصية البارزة في الطيف الغزاوي ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس حينها من قبل الولايات المتحدة، والثاني عملية الاغتيال الفاشلة التي تعرّض لها مشعل في الأردن. فما زال بعض المحلليين السياسيين مرتابين في حقيقة هذين الحدثين وينظرون اليهما بنظرة مشككة، ولكن في الوقت نفسه تم التسليم بأن مثل هذه الأحداث لم يكن لها سوى دور المحفز، وفي النهاية ومع التوسع المتزايد في تنظيم حماس تكون الهيمنة للجناح الماسك بزمام الامور المالية والرافد الذي يؤمن للحركة مواردها المالية عبر الخليج أمراً لا مفرّ منه. ومهما كان السبب الداعي لهيمنة الجناح الضفاوي فقد برز من ذلك نتيجتان متناقضتان: الأولى إرتفاع منسوب الاعتماد على الخليج الفارسي، والثاني ارتفاع وتيرة العمل بشكل أكبر ضد إسرائيل.[23]
ينتمي خالد مشعل الى أسرة اخوانية تمركزت حركتها ونشاطها الاقتصادي في المملكة العربية السعودية.[24] وبالطبع وبسبب أهمية الجالية الفلسطينية في المملكة العربية السعودية، تم تكليفه بتمويل حماس قبل تصديه لرئاسة المكتب السياسي بعد إعتقال أبي مرزوق.[25]
تكليف مشعل بهذه المهمة في الوقت الذي كان أبو مرزوق يلعب دوراً فاعلا في دعم حركة حماس ويرفدها ماليا عبر قنواته الخاصة، حيث تشير التخمينات بأن 20٪ من الستين إلى سبعين مليون دولار التي ترد الى حماس سنوياً من الجمعيات الخيرية الفاعلة في الولايات المتحدّة وخاصّة من مؤسستي «Holy Land» و «IAP» اللتين كانتا تحت اشراف أبي مرزوق مباشرة،[26] مع الاخذ بنظر الاعتبار أنّ أكثر من اثني عشر مليون دولار تأتي من لندن معظمها من مؤسسة انتربال «Interpal»،[27] ويتم جمع أكثر من نصف العائدات خارج شبكة المؤسسات الخيرية التابعة لحماس في الغرب، هذا فضلا عما يمتلكونه من مكانة إجتماعية مرموقة في بلدان الخليج الفارسي. وعلى الرغم من الأهمية الكبرى التي تحظى بها الايرادات الغربية، ولكن بسبب الحساسية المفرطة والرقابة الشديدة للمؤسسات الاعلامية هناك، صار لزاما على الحركة استخدام هذه العائدات في مجالات خاصّة من قبيل تشكيل مؤسسات تعنى بتحسين حياة عوائل شهداء حماس، ومع ذلك لم تسلم الحركة من النبز حيث اعتبرتها الولايات المتحدة وسيلة للإسهام في الإرهاب.[28]
ومن أبرز السمات المهمة التي تتصف بها فاتورات المال القادمة من الساحة الخليجية أنها تطلق اليد لقادة الحركة في استخدامها في أكثر الأنشطة السياسية والعسكرية ومنحهم الحرية في صرفها في شتى النشاطات التي يقدرها القادة الميدانيون، الأمر الذي جعل المخابرات الاسرائيلية نفسها تعترف بأن بعض الداعمين لحماس في السعودية كانوا على صلة مباشرة بكيفية استخدام أموالهم في بناء صواريخ القسام.[29] وفي مكان مثل السعودية يكون فتح خط ميزانية تبلغ فاتورته 200 مليون دولارا لموضوع من قبيل تأمين عائلات شهداء الانتفاضة لا يمثل رقما يخشى حتى الملك نفسه من الإعلان عنه. إلى جانب ذلك، لم تر الحكومة السعودية مانعا من تقديم دعم مالي محدود وغير مباشرة إلى الخط المعتدل في حماس والمتمثل بزعيمها الشيخ أحمد ياسين.[30] بل تدعي بعض المصادر أنه خلال التسعينيات، وعندما كانت الرقابة على التحرك المالي السعودي لا تزال ضعيفةً، قدمت السعودية نصف ميزانية حماس “العملياتية” والبالغة 10 ملايين دولار.[31]
على هذا النحو، ظلت المملكة العربية السعودية وبيئة مجلس التعاون الخليجي لفترة طويلة تمثل الرافد الرئيسي والأكثر أهمية لتمويل حماس. وفي هذا المجال، بامكان حماس تأمين مواردها المالية من دون أن تزعج الحكومة ومن خلال استخدام شبكة النشاطات الخيرية الواسعة وتتمكن من تبييض واردتها المالية، ,خاصة بعد 11 سبتمبر حيث تعرضت شبكة تمويل حماس في الغرب لضربة قاسية.
وقد تمّ إنشاء الشبكة المالية من خلال جهود الفلسطينيين المقيمين في الحجاز، كـ “خيري الآغا” و “عبد الرحيم نصرالله” في إطار مؤسسات خيرية “منها جميعة مكة الخيرية”، وبدعم من شبكة قوية من الإخوان المسلمين المصريين والمواطنين السعوديين، متكئة على أوقاف الراجحي والندوة العالمية للشباب، الامر الذي خلق رافدا ماليا لا نظير له يؤمن نشاطات الحركة. ولهذا السبب، وبمحورية القرضاوي ومركزية جدّة تم تشكيل “إئتلاف الخير” من بين عدد من هذه المؤسسات لدمج النظام المالي للإخوان ورفض النشاطات المالية المقاطَعة التابعة لها للتمكن في نهاية المطاف من تمرير المبادلات المالية ضمن هذا الشبكة المصرفية الضخمة، حتى أن تقديرات الشاباك أشارت الى تمكن الائتلاف ما بين عامي 2001 و 2009 من تمرير مئات الملايين من الدولارات لحركة حماس.[32] فيما اشارت مصادر أخرى إلى تمكن حماس عقيب احداث 11 سبتمبر من الحصول على مبلغ قدره 12 مليون دولار من مصادر شعبية داخل المملكة العربية السعودية في الوقت الذي كانت فيه إيران تدعم الحركة بما يقارب 3 ملايين دولار سنويا.[33]
يجب الإنتباع بأن هذه الأرقام كانت في مرحلة النضال السري لحركة حماس، إذ بلغت ميزانية الحركة بعد تصديها للحكم في غزة عشرة أضعاف ذلك، وأن الدعم المالي الإيراني لها بلغ حوالي 100 مليون دولار،[34] لكن هذا لم يغيّر نمط سلوك حماس في تأمين روافدها المالية. وبعبارة أخرى، فإن عمق العلاقات بين الجناح الضفاوي والدول العربية المشاطئة للخليج الفارسي، سواء قبل أو بعد سنة 2006، لم يمنع تحرك هذا الجناح في الاتجاه المعاكس لسياسات الدول المعنية حول القضية الفلسطينية. وقد عمد هذا الجناح من حماس الذي ينشط خارج اطار حدود غزة – والمنسجم مع السياسية الايرانية منذ عقد التسعينات من القرن المنصرم – من منع هنية وحاشيته من القيادة المحلية الأخرى من المشاركة في الانتخابات والتصدي لبعض المسؤوليات والرضوخ للقيود والمحدوديات الناتجة عن المشاركة في الحكومة الفلسطينية،[35] كذلك تمكن هذا الجناح من الوقوف بوجه الشيخ أحمد ياسين وحال دون اتفاقه مع عرفات على وقف الهجمات المسلحة وتنفيذ ما كان يعرف حينها “بهدنة الطويلة الامد”.[36] حتى أنّ الخط الداخلي بما فيهم كتائب القسام كانت تتنصل عن العمليات الاستشهادية وكان المشرف عليها والمحرك لها هو الجناج الآخر الذي يقود الحركة من الخارج،[37] والحال أن كتائب القسام ومنذ تشكيلها كانت تعتمد ماليا على هذا الجناح بعد ان حظيت بكسب إحترامه والوثوق بها بسبب عدم مهادنتها ومرونتها. و على الأرجح كان هذا الجناح هو المسؤول عن ترتيب العمليات الاستشهادية التي وقعت في معبر نتانيا قبل مبادرة السلام السعودية في عام 2002م بيوم واحد فقط، حيث استطاعت أن تجهض المبادرة قبل ولادتها. وقد إستمر هذا النهج حتى بعد نجاح القيادة المحلية في إقناع الأحزاب الأخرى في المشاركة والفوز في انتخابات 2006 م؛ بل ان الكثيرين يعلمون بأن احتجاز الرهينة الاسرائيلية شاليط كان مخالفاً لرغبة هنية وتم تنفيذها بأمر المكتب السياسي للحركة.[38]
ومن أجل فهم سبب هذا التناقض في موقف الجناح الضفاوي الخارجي بين اتكائه المفرط على الساحة الخليجية من جهة وإعتماده سياسات عنيدة تجاه إسرائيل، نرى من الضروري النظر إلى القاعدة الاجتماعية لهذا الفصيل واختلافه مع القاعدة التي تستند إليها القيادة الداخلية، خاصة في السنوات التي تلت إنشاء سلطة حماس في غزة. إضافة إلى ذلك، يجب أن يكون واضحا بأن مشاريع الاستسلام والتسوية التي تعرض على الفلسطينين هي بنفسها تخلق حالة من العناد والرفض والتصدي لها بقوة من قبل النخبة السياسية .
فلسطينان: من البحر، أو النهر!
الفلسطينييون شأنهم شأن أي مجتمع آخر لديهم سقف محدد لتحمل الحصار وأعباء الحرب، والحقيقة هي أننا أخذنا نقترب من الحد الاقصى من مؤشرات التحمل، فعلى سبيل المثال نرى وفي خضم تظاهرات العودة والاحتجاجات التي يقوم بها الغزاويون بالقرب من السياج الحدودي لغزة أننا لو نظرنا اليها نظرة موضوعية وحملناها محمل الجد لتأكد لدينا أن من تبقى من الشعب الفلسطين في الداخل لم يعد لديهم القدرة الكافية لتحقيق شعار من البحر الى النهر. حتى بعد موقف ترامب من القدس والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل، فإن مؤشر التوجه نحو الصراع المسلح ضد إسرائيل لم يتجاوز لدى الغالبية من الشعب الفلسطيني ما كان عليه إبّان حرب الخمسين يومًا،[39] حيث أشّرَ الى حوالي 38٪،[40] وكان قد انخفض هذا الاتجاه إلى 20 ٪ قبل الخطوة التي أقدم عليها الرئيس الامريكي.[41] بل حتى الميل إلى الصراع المسلح لا يعني بالضرورة الإيمان بإمكانية تدمير إسرائيل، وأن حركة حماس نفسها التي تعتبر نفسها رافعة لواء هذا الخط والممثلة له تؤمن بأن إسرائيل حقيقة يجب على الشعب الفلسطيني التأقلم معها، حتى أن أبا شنب أحد اعضاء القيادة الغزاوية، يرى بإن عدم الاعتراف الرسمي بإسرائيل معناه إيكال المهمة إلى الجيل القادم بعد تحسّن ظروفه وتوفر الشروط الموضوعية.[42] والى قريب من هذا المعنى يذهب بعض القادة البراغماتيين الغزاويين، حيث نجد امثال هنية وأسامة حمدان يرون بأن حماس وبعد تصديها للسلطة واقامتها حكومة في غزة لا تستطيع العودة إلى الخطاب “المقدس” وعدم التنازل عن أي شبر من أرض فلسطين وذلك لأنها أصبحت حكومة ملتزمة برأي الناخبين.[43] والجدير بالذكر هنا أن الطيف الغزاوي المتصدي للحكومة في غزة لا يعكس الرؤية الكاملة ولا يمثل “حقيقة” حماس بأكملها، حيث مازالت غالبية مجلس الشورى في أيدي الشيوخ الدينيين والفصيل العسكري، الذين لديهم نظرة مماثلة للجناح الخارجي الرافض للتسوية والاستسلام،[44] غير أنه لابد من الاذعان بأن عمق حركة حماس والفصيل العامل في الداخل لا يمكن أن يفصل طريقه عن مسار الدولة الديمقراطية في غزة. خصوصا بعد الاحداث في الساحة السورية، حيث انخفضت سلطة الجناح الخارجي إلى درجة أن مكانة خالد مشعل كرئيس للمكتب السياسي لحماس قد تراجعت لصالح هنية، وإن أهم مؤيدي حماس سوريا وإيران بدأوا يرون في الفصيل الغزاوي القسامي الاجدر في الاعتماد عليه وانه يستحق إعادة بناء العلاقات معه وترميم الفجوة التي حصلت. كذلك نحن نعلم أن العاروري وان انتمى إلى الفصيل الضفاوي لكن لم ترق له العلاقة التي تربط بين خالد مشعل والجماهير الفلسطينية في الخارج، ويشبه يحيى السنوار الذي لايرقى لأكثر من قيادة الجناح العسكري لحماس.
على الرغم من إرتفاع مستوى التوجه نحو المواجهة المسلحة وهيمنة المتشددين المسلحين داخل المجتمع الفلسطيني نتيجة تصرفات ترامب، فإن الداخل لا يزال غير مستقر مقارنة بعمق استياء الجناح الأخر الذي ينشط في الخارج قبال خيارات التسوية القائمة؛ إذ لم يطرح حتى الآن مشروع مرض يضمن الحق للفلسطينين ويؤمن العودة للنازحين، أو عن طريق دفع تعويض مالي مناسب يمكن من خلاله إحداث تغيير جذري في حياة هذا المجتمع.
كما يتمتع الفلسطينيون الذين يعيشون في الدول الخليجية بظروف اقتصادية أفضل، ولكن بما أن معظم العائدات المالية لكل خطة سلام من المرجح أن تُدفع إلى “الدول الفقيرة” وليس إلى النازحين ، فإن هذا الجزء من السلطة الفلسطينية سيبقى بالطبع فقيراً. وعلى الرغم من تمتع الفلطسينيين الذين يعيشون في دول الخليج العربية وتمتعهم بظروف اقتصادية جيدة، ولكنهم يعيشون القلق من احتمال دفع التعويضات المالية إلى “الدول الفقيرة” المضَيِّفة وليس إلى النازحين أنفسهم، ولا يلوح في الافق تقديم مشروع خطة ضمان مالي تؤمن لهم حياة كريمة. وقيل أن الملك الأردني كتب الى سعد الحريري يخبره بأن “خطة ترامب لا تعدو عن كونها خطة لتوطين مجاني وبلا أدنى تعويض مالي، وإنها ستفرض على الجانبين الأردني واللبناني”،[45] وعليه فإنّ أي اتفاق مفترض سيواجه برفض شديد من قبل فلسطينيي الشتات مقارنة بموقفة اخوانهم في الداخل، وسيخلق حليفًا طبيعيًا أكثر لإيران.
إن مسألة تعميق الاستياء من عملية السلام من قبل الفصيل الضفاوي، موجودة حتى على المستوى الداخلي. وقد حظيت هذه الظاهرة بإهتمام خاص عقيب ما بات يعرف بصفقة القرن، خلافا لتصورات كوشنر وجرينبلات فلم تكن الخطة من مبتكراتهم ومن بنات افكارهم، بل أن عماد أركان الخطة تشبه ما كشفته الحكومة الإسرائيلية خلال العقد الماضي في خطة اليمين الإسرائيلي الذي تجلى في مركز بيغين السادات. ووفقاً لهذه الخطة فإن إضافة 720 كيلومتراً من صحراء سيناء (رفح إلى العريش) إلى غزة مما يضاعف من مساحتها ثلاث مرات، وتعالج مشكلة الكثافة السكانية فيها وتزيد من مستوى تحسن الظروف المعيشة هناك.[46] أما خطة “إيلاند” فستحصل مصر مقابل تنازلها عن مساحة من أرض سيناء الصحراوية وإضافتها إلى غزة، على ما يقابلها من صحراء النقب، الامر الذي يوفر لمصر ممرًا (ترانزيت) مربحًا للعبور إلى الشرق العربي، في مقابل الـ 720 كيلومتر هذه تقوم اسرائيل بضم 12 بالمائة من أراضي الضفة الغربية الاستراتيجية إليها. وفي نهاية المطاف تتمكن إسرائيل من خلال التنازل عن هذه المساحة من الاراضي القفر لمصر، وستنتهي مسألة إيجاد الاراضي البديلة التي يجب على اسرائيل منحها للفلسطيين في مقابل ما استولت عليه من الأرض عام 1967.
مرة أخرى، نواجه حقيقة أن العُقد التي تواجه التنازلات من الجانب الضفاوي لا الغزاوي. علما أن الامتيازات التي تمنح للفلسطينيين في خطة إيلاند في الحقيقة توجه ضربة قوية لدعامة البلوك النهري الفلسطيني؛ وذلك لانه أولاً، سيزيد هذا المشروع وبمنحه الاراضي المستقطعة من الضفة والحاقها بغزة من مضاعفة المركز السياسي والاقتصادي للطرف الثاني، ولم يبق مركز ثقل سياسي واقتصادي مهم للفلسطيين؛ وثانيا باستبدال مسار ترانزيت غزة – رام الله بطريق جديد من مصر إلى الأردن، سوف يضعف التواصل بين شطري المجتمع الفلسطيني؛ وثالثا: مع تعزيز ثنائية غزة- مصر في مقابل الضفة- الأردن، ستحول الوحدة الوطنية الفلسطينية الى كيانيين هشيّن خاضعين لكل من مصر والأردن المهيمنين كيانا وشعبا. تقول إيلاند في خطتها: “إن العلاقة بين شعب نابلس والجذور الشعبية في غزة ليست بأقوى من العلاقة بين نابلس وسكان دمشق. وان نظرية الأمة الفلسطينية الموحدة في غزة والضفة هي من بنات إفكار ياسر عرفات على مدى الأربعين سنة الماضية”.
فإذا كان القرار تشكيل كيان سياسي في غرة تابع لمصر لكنه يبنى بشكل مستقل، فلن تتمكن الضفة التي فقد جزءا من اراضيها فضلا عن غزة من الحصول على هذا الحد من الامتيازات. وترى ايلاند، إن قلق الاردنيين من تشكيل دولة حماس في غزة فإنه يخلق حافزا عظيما للعائلة الهاشمية للتحرك نحو اتحاد (أو على الأقل كونفدرالية) مع الضفة.[47] ومع هيمنة النظام المساوم في عمان على الدبلوماسية في الضفة، ستكون محادثات السلام أسهل بكثير من المحادثات مع القادة الفلسطينيين واصحاب الارض الذين لم يجنوا أي نتيجة مقابل التنازلات التي قدموها للطرف المقابل.
التعليقات الختامية
[1]. Partrick, Neil. Saudi Arabian Foreign Policy: Conflict and Cooperation. IB Tauris, 2016. P 153-154.
[2]. التقریر السياسي (مقدم من الدكتور صائب عریقات)، المجلس المركزي الفلسطيني، كانون ثاني 2018.
[3]. http://amman1.net/jonews/good-article/8450913.html
[4]. https://www.palestinechronicle.com/israel-sources-trump-to-ask-israel-to-withdraw-from-four-east-jerusalem-neighborhoods/
[5]. https://www.aljazeera.com/indepth/opinion/trump-ultimate-deal-palestinians-180327082942844.html
[6]. Brynen, Rex. The past as prelude? Negotiating the Palestinian refugee issue. Chatham House, 2008.
[7]. http://www.m.ahewar.org/s.asp?aid=39658&r=0
[8]. O’Malley, Padraig. The Two-state Delusion: Israel and Palestine–a Tale of Two Narratives. Penguin, 2016. P.196
[9]. Dershowitz, Alan M. The case for Israel. Hoboken, NJ: John Wiley & Sons, 2003. P.240
[10]. Eiland, Giora. Regional alternatives to the two-state solution. No. 4. Begin-Sadat Center for Strategic Studies, Bar-Ilan University, 2010. P.10
[11].https://web.archive.org/web/20070509173409/http://www.democracynow.org/article.pl?sid=05%2F12%2F23%2F1450216
[12]. https://www.haaretz.com/1.5487566
[13]. CIA. “Palestinian Presence in the Persian Gulf.” July 1983. p. 6
[14]. Le Troquer, Yann, and Rozenn Hommery al-Oudat. Op. cit., p. 44-45.
[15]. CIA. Op. cit., p. 5
[16]. Ibid. p. 4.
[17]. https://www.alarabiya.net/ar/saudi-today/2013/07/24/ نظرة-أقرب-لفلسطينيي-السعودية
[18]. Le Troquer, Yann, and Rozenn Hommery al-Oudat. “From Kuwait to Jordan: The Palestinians’ Third Exodus.” Journal of Palestine Studies 28.3 (1999): 37-51.
[19]. Natil, Ibrahim. Hamas Transformation: Opportunities and Challenges. Cambridge Scholars Publishing, 2015. P. 67.
[20]. مصطفى أبو شنب. “العلاقات بين حركة المقاومة الإسلامية حماس والمملكة العربية السعودية”. الثابت والمتحول 2015. مرکز الخلیج لسیاسات التنمبة. ص130و131
[21]. مقابلة الكاتب مع أحد مسئولي الملف الفلسطيني في إيران.
[22]. Natil, Ibrahim. Op. cit., p. 37.
[23]. مقابلة الكاتب مع أحد مسئولي الملف الفلسطيني في إيران.
[24]. مقابلة الكاتب مع أحد كوادر حماس.
[25]. Natil, Ibrahim. Op. cit., p. 68.
[26]. Levitt, Matthew. Hamas: politics, charity, and terrorism in the service of jihad. Yale University Press, 2008. p. 146, 151
[27]. Ibid. p. 159
[28]. Ibid. p. 149
[29]. Ibid. p. 166
[30]. مصطفی أبو شنب. نفس المصدر. ص 132
[31].https://www.nytimes.com/2003/09/17/world/flow-of-saudis-cash-to-hamas-is-scrutinized.html
[32].https://www.shabak.gov.il/SiteCollectionImages/english/TerrorInfo/coalition_en.pdf
[33]. https://www.globalsecurity.org/military/world/para/hamas-funds.htm
[34].http://www.washingtoninstitute.org/policy-analysis/view/gazas-economy-how-hamas-stays-in-power
https://www.al-monitor.com/pulse/originals/2018/05/iran-support-palestine-factions-us-sanctions.html
[35]. Natil, Ibrahim. Hamas Transformation: Opportunities and Challenges. p. 73
[36]. Ibid. p. 76.
[37]. Gunning, Jeroen. Hamas in Politics: Democracy, Religion, Violence. Hurst, 2008. p. 212
[38]. International Crisis Group, After Mecca: Engaging Hamas, Middle East Report no. 62, 28, February 2007. p. 27
[39]. http://www.pcpsr.org/en/node/492
[40]. http://www.pcpsr.org/en/node/717
[41]. Ibid.
[42]. Gunning, J. Op. cit., p. 237
[43]. Gunning, J. Op. cit., p. 236
[44]. International Crisis Group, Op. cit., p. 26
[45]. http://janoubia.com/2018/02/02/ أزمة-الأونروا-لفرض-توطين-الفلسطيني
[46]. Eiland, Giora. Regional alternatives to the two-state solution. No. 4. Begin-Sadat Center for Strategic Studies, Bar-Ilan University, 2010, p. 29
[47]. Ibid, p. 22