بسؤاله عن رأيه وتوقعاته عن الاتفاق الأخير بين “الرياض” و”اليمن”، أجاب “أحمد حاجي صادقیان”؛ الخبير الإيراني في الشأن اليمني: “وقعت السعودية في مأزق قبل فترة من إعلان الحرب على اليمن. وبعد ارتفاع وتيرة هجمات (أنصار الله) بالمُسيّرات والصواريخ على المنشآت النفطية السعودية؛ ردًا على هجوم المقاتلات السعودية على المناطق المدنية اليمنية، لم تستشعر الإدارة السعودية العجز فقط عن دخول صنعاء؛ (وقد كانت تتوقع دخولها بعد أسبوع من الحرب)، وإنما قد لا تستطيع أيضًا تحمل تكلفة استمرار الحرب على المكانة السعودية المحلية والدولية”.
لافتًا الخبير في الشأن اليمني في حديثه لوكالة أنباء الطلبة (إيسنا) الإيرانية: “وكان؛ محمد بن سلمان، وليّ العهد السعودي، قد أعلن الحرب على اليمن بعد تعييّنه وزيرًا للدفاع عام 2015م، ويسعى حاليًا، بينما هو على مشارف كرسي الحكم في السعودية إلى تقديم صورة تقدمية عن نفسه للمجتمع والرأي العام الدولي عبر القيام بإصلاحات اجتماعية وثقافية عاجلة مصحوبة بالعمل على تقديم تصور حديث للاقتصاد السعودي بطرح مشاريع مثل (نيوم) وغيرها”.
أكبر أزمة إنسانية في القرن الـ 21..
يُضيف مدير وحدة “اليمن” بمركز دراسات (مرصاد): “من الطبيعي أن استمرار الحرب اليمنية؛ التي تسّببت في أكبر أزمة إنسانية في القرن الواحد والعشرين، هي أكبر عقبة على مسّار سياسات تحسّين وجه ولي العهد الشاب. وهذه المسألة بخلاف مأزق عملاء السعودية في ميدان الحرب وعجزهم عن التقدم، والذي أثار خلافات داخلية بين هؤلاء العملاء حيال قدرات (أنصار الله) الكبيرة على حشد القوات؛ بحيث لم تترك لهم أي أفق، هو أهم أسباب دخول السعودية في ملف وقف إطلاق النار وإنهاء الاعتداء العسكري على اليمن”.
وفي معرض إجابته عن سؤال بشأن مدى جدية الطرفين؛ وبخاصة السعودي، في الالتزام بالاتفاق، قال: “أعلنت (أنصار الله) منذ بداية الاعتداء العسكري السعودي، العمل فقط على إنهاء وجود الأجانب على الأراضي اليمنية، وأوقفت بعد وقف هجمات المقاتلات السعودية الجوية على اليمن؛ إثر التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار العام الماضي، كل الهجمات الصاروخية على الأراضي السعودية. في المقابل تحتاج الرياض كما أعلنت مرارًا إلى تثبّيت وتدعيم الأمن على حدودها ومجالها الجوي، حيث أبدت اهتمامًا خلال السنوات الأخيرة بملف أمنها القومي. لذلك لكل الطرفين أسباب كافية للالتزام باتفاق وقف إطلاق النار؛ وإن كان الأساس أن على السعودية وقف اعتداءاتها العسكرية وتداخلاتها في الشأن الداخلي لجارها الجنوبي”.
دور عُمان وإيران..
وتعليقًا على دور بعض الدول: كـ”عُمان وإيران”، في الوصول إلى هذا الاتفاق، أوضح: “منذ بداية الهجوم السعودي على اليمن، اتبعت عّمان سياسية أساسية تقوم على الحيلولة دون التماهي مع هذا الاعتداء، وسّعت طوال سنوات الحرب للمسّاهمة في حل هذه الأزمة بالطرق المختلفة. والسّماح بوجود هيئة دبلوماسية تابعة لحكومة الإنقاذ الوطني في عُمان، وزيارات الوفود السياسية العُمانية المتكررة إلى صنعاء للوصول إلى حل سياسي للأزمة، هو أحد أهم النماذج على هذه الجهود والمسّاعي”.
وعن مدى ارتباط هذه التطورات باتفاق “إيران والسعودية”؛ برعاية “بكين”، أضاف: “طلبت السعودية على مدى خمس جولات من المفاوضات في بغداد إلى إيران الضغط على (أنصار الله) للقبول بالشروط السعودية، ولكن في كل الموقف الإيراني دائمًا أن هذه المسألة شأن يمني داخلي، وعلى السعودية الوصول إلى اتفاق مع المسؤولين في صنعاء. مع هذا لا يمكن إنكار حقيقة أن اتفاق إحياء العلاقات الدبلوماسية وخفض مستوى التوتر بين طهران والرياض، قد حفز الأخيرة على قبول جزء من شروط (أنصار الله). ويمكننا تصور أن السعودية رأت في الاتفاق مع إيران؛ ضمان للاتفاق مع (أنصار الله). لكن هذا التصور السعودية لا يتماشى مع الوقائع السياسية والميدانية في اليمن. لابد من الاعتراف بأن أهم ضمانات التقدم على مسّار وقف إطلاق النار هو التزام السعودية بتعهداتها”.